منتديات الامل
ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم E7885810
منتديات الامل
ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم E7885810
منتديات الامل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الامل


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم 2n03gx0















 

 ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عفاف
Admin
Admin
عفاف


عدد الرسائل : 516
العمر : 31
المزاج : الحمد لله
الهواية : ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Riding10
مزاجي : ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم 8511
احترام قوانين المنتدى : ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم 111010
نقاط التقييم :
ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Left_bar_bleue0 / 1000 / 100ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 28/02/2008

ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم   ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Icon_minitimeالخميس مارس 20, 2008 7:57 am


Like a Star @ heaven

الخطبة الأولى

أما بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون، كلما أهلّ علينا شهر ربيع الأول تذكر الناس مولد أعظم شخصية في الوجود، وهي شخصية محمد صلى الله عليه وسلم الذي اصطفاه الله تعالى من خلقه، وصنعه على عينه، وأرسله رحمة للعالمين.

وللناس في هذا الشهر أحوال في الاحتفاء أو الاحتفال بمولد محمد صلى الله عليه وسلم، واحتفاؤنا واحتفالنا واهتمامنا بمولده صلى الله عليه وسلم ليس كما يصنع الجهال والغافلون من الناس.

ليس بأن نقيم الزينات، أو نرفع الرايات، أو نوزع الحلوى، إنما احتفالنا به أن نتذكر هذا الرسول العظيم، أن نعيش في ذكراه، أي نعيش في ذكرى سيرته، أو ذكرى رسالته صلى الله عليه وسلم.

إن هذا الرسول العظيم قد ترك لنا سيرة طاهرة عاطرة، وترك لنا رسالة عامة خالدة، صالحة مصلحة لكل زمان ومكان، والاحتفاء والاحتفال به أن نتذكر هذه السيرة وتلك الرسالة، رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وسيرته، هي موضع أحاديثنا في هذه المدة من الزمن.

إن السيرة النبوية هي من أنصع الأدلة على أن محمدا صلى الله عليه وسلم مرسل من ربه، لا يمثل نفسه، وإنما يمثل الإرادة العليا، إرادة الله عز وجل: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) [النجم:3-5].

من قرأ هذه السيرة عرف بصدق ويقين أن صاحبها لا يمكن أن يكون دعيًّا، لا يمكن أن يكون دجالا، كما لا يمكن أن يكون ملكا أو طالب ملك، لا يمكن أن يكون رجل دنيا.

صاحب هذه السيرة صادق كل الصدق، يتمثل الصدق في هذه السيرة في كل جنباتها، ومن هنا كان علينا أن نقف وقفات في جوانب العظمة والخلود والطهارة والإشراق في هذه السيرة النبوية المحمدية.

ومن حسن حظنا نحن المسلمين أن هذه السيرة محفوظة.. مروية.. مسجلة.. مخلدة.

سِيَر الأنبياء معظمها ضاعت، وما بقي منها لا يكوّن حلقات متصلة، وليس له إسناد يصلنا بهم، ولكن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم بقيت محفوظة.

محفوظة في كتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، محفوظة في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سننه التي رواها الثقات في كتب الحديث الجامعة، في الصحيحين، في الكتب الستة، في الجوامع والمصنفات والمسانيد، محفوظة في كتب السيرة التي عُنيت بهذا الأمر خاصة، ككتب ابن إسحاق، وابن هشام، وابن كثير، وغيرهم، محفوظة في كتب الشمائل التي عُنيت بأخلاقه، وشمائله، وهديه صلى الله عليه وسلم، محفوظة في كتب الدلائل.. ودلائل النبوة والآيات والمعجزات الحسية والمعنوية المتكاثرة والوفيرة التي أظهرها الله على يديه صلى الله عليه وسلم محفوظة في كتب التاريخ العام التي خصصت جزءا كبيرا لحياته صلى الله عليه وسلم، كل هذا موجود عندنا نحن المسلمين.

والسيرة محفوظة من ألفها إلى يائها، من المولد إلى الوفاة، هذا مذكور في كتب وفي سجلات السيرة عندنا.

في السيرة: كيف ولد؟، ومتى ولد؟، ومن أرضعه؟، ومن احتضنه؟، وكيف نشأ؟، وماذا عمل في صباه؟، وماذا عمل في شبابه؟، وماذا صنع في كهولته قبل البعثة وبعد البعثة، قبل الهجرة وبعد الهجرة؟، كل هذا تحكيه لنا سيرة محمد صلى الله عليه وسلم.

حلقات متصلة مروية بأسانيدها الصحاح، لا يوجد هذا لأي نبي من الأنبياء، ولا لأي عظيم من العظماء؛ لأن الأنبياء الذين بعثهم الله بعثهم لمراحل موقوتة، لزمن محدود معلوم، ولأقاليم معينة، وأقوام مخصوصين.

أما محمد صلى الله عليه وسلم فكانت رسالته عامة خالدة خاتمة "امتدت طولا حتى شملت آباد الزمن، وامتدت عرضا حتى انتظمت آفاق الأمم، وامتدت عمقا حتى استوعبت شئون الدنيا والآخرة" [كما قال الإمام حسن البنا].

لهذا تكفل الله بحفظ سيرته وسنته صلى الله عليه وسلم في مجموعهما، باعتبارهما البيان النظري والشرح العملي للكتاب الكريم، وحفظ المبيَّن يقتضي حفظ البيان، كما قال الإمام الشاطبي رضي الله عنه.

الله تكفل بحفظ كتابه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9]، والسنة والسيرة هما الشرح النظري والتطبيق العملي لكتاب الله، لهذا حفظهما الله تبارك وتعالى.

عندنا نحن المسلمين سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم، تحكي لنا كل أحواله: أقواله، وأعماله، وتقريراته، وأوصافه الخِلقية، وصفاته الخُلقية، وسيرته كلها.

ليس هناك دائرة حمراء في هذه السيرة، يقال: هذه لا تروى، أو هذا شيء خاص لا يذكر للناس، لا.. حياته كلها صلى الله عليه وسلم ملك للناس، أكله إذا أكل، شربه إذا شرب، لبسه إذا لبس، ركوبه الدابة إذا ركب، نومه إذا نام، استيقاظه إذا استيقظ، خروجه من بيته، كل هذا، حتى صلته بأهله، حتى الصلة الجنسية تروى للناس؛ لأن فيها تشريعا، ولأن فيها اقتداء.

روت لنا السيرة كل حياته صلى الله عليه وسلم، في علاقته بربه، في علاقته بنفسه، في علاقته بزوجاته، في علاقته بأولاده، في علاقته بأحفاده، في علاقته بالناس، في علاقته بالأعداء، في سلمه إذا سالم، في حربه إذا حارب، في صلحه إذا صالح، كل هذا مروي في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى حياته الخاصة ترويها تسع نسوة، لو نسيت واحدة ذكرتها الأخرى، ليكون كل شيء أمامنا واضحا جليا (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21].

ما أحوجنا نحن المسلمين إلى أن نتدبر سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم، أن نعيش مع هذه السيرة، أن نستجلي جوانب العظمة المحمدية، العظمة التي أشار إليها رب العزة في كتابه.

أشار إلى جانب من جوانبها -وهو الجانب الخلقي- حينما قال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القمر: 4]، الله زكى نبيه هذه التزكية، وليس بعدها تزكية.

ما أحوجنا إلى أن ندرس هذه السيرة دراسة المتأمل البصير؛ لنعرف كيف نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف نأخذ الأسوة، ونقتبس النور من هذه السيرة الجامعة لحياتنا.. لأنفسنا.. لبيوتنا وأسرنا.. لأبنائنا وبناتنا.. لمجتمعاتنا.. لحكامنا ومحكومينا.. نأخذ من هذه السيرة هديا، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

إننا كثيرا ما نقف عند الأشياء التي لا تسمن ولا تغني من جوع، طالما كنت أسمع وأنا صغير قصة المولد، يقرءونها في القرى والأرياف، ومعظم هذه القصة تدور على أشياء وخوارق ليس فيها هذا الأمر الذي نريده: جانب القدوة، جانب التأسي، جانب العظمة في سيرة محمد صلى الله عليه وسلم وفي رسالته.

طالما رأينا المؤذنين يؤذنون على المآذن والمنابر، يقولون: الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله، وما ثبت أنه أول خلق الله، الصلاة والسلام عليك يا مليح الوجه يا رسول الله، أفي ملاحة الوجه هذه مجال للقدوة؟!.

المسلمون –أو أقول: الكثيرون منهم– أخطئوا فهم شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الشخصية التي أنزل عليها الرسالة الخالدة العامة، اختاره الله سبحانه وتعالى ليختم النبوات والرسالات، ويعلن أنه خاتم النبيين، وأنه لا نبي بعده.

هذه الشخصية في حاجة إلى أن ندرسها، إلى أن نعرفها، وما أكثر الجوانب التي يمكن أن نقف عندها لنعرف عظمة الشخصية المحمدية.

خذوا الجانب الرباني من سيرته وحياته صلى الله عليه وسلم، جانب التعبد لله تبارك وتعالى، إن من يقرأ في هذا الجانب، جانب العبادة.. الصلاة.. الصيام.. الذكر.. التسبيح.. التهليل.. التكبير.. الدعاء.. الاستغفار يجد قلبا نابضا بحب الله تبارك وتعالى، يجد لسانا رطبا بذكر الله تعالى، لا ينساه على كل حال، يذكر الله في كل أحواله، وعلى كل أحيانه.

انظروا إلى الرسول العابد الذي أمره الله تعالى بقوله: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]، فكان يعبده في ليله ونهاره، وصباحه ومسائه، في خلوته وجلوته، لا يفتر عن عبادة ربه.

كان يعلم أن الإنسان ما خُلق إلا لعبادة الله، وأن عبادة الله هي المهمة الأولى لهذا المخلوق الذي خلقه الله بيده، وسواه ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وجعله خليفة في الأرض.

كان يعلم أن مهمته أن يعبد الله عبادة مبنية على معرفة به (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات: 56-58]؛ لهذا كان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس إقبالا على الله.

شرع الله الصلوات الخمس لتربط المسلم بربه كل يوم خمس مرات، لا يوجد دين يربط الإنسان بمولاه هذا الربط الوثيق، ليكون دائما على موعد مع ربه، كلما شغلته الشواغل، كلما غرق في لجة الحياة، كلما أنسته مطالب الدنيا، كلما غرق مع التجارات، مع الدينار والدرهم، لكنه حين يسمع المنادي ينادي: الله أكبر الله أكبر.. حي على الصلاة.. حي على الفلاح يترك البيع والشراء، ويترك دنياه ودنيا الناس، ويهرع إلى بيت الله، هكذا علم محمد صلى الله عليه وسلم الناس.

علمهم أن الحياة إنما تكون لله وبالله، وأن الإنسان يجب أن يتحرر لمولاه، هكذا علمه ربه: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162، 163].

ولهذا كان صلى الله عليه وسلم المسلم الأول في كل أمر، المسلم الأول في عبادته إذا تعبد، في ذكره إذا ذكر، في دعائه إذا دعا، في خُلقه إذا تخلق، في جهاده إذا جاهد.

كان المسلم الأول في عبادته لله، ولم تكن عبادته مجرد تسديد خانة، أو امتثالا لأمر، بل كانت عبادته عبادة الحب والشوق إلى الله سبحانه وتعالى.

كان إذا قرب وقت الصلاة يتشوق إليها ويحن لها، ينتظر وقتها بفارغ الصبر، حتى إذا حان الوقت قال لمؤذنه: "قم يا بلال فأرحنا بالصلاة" [رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه، وأحمد في مسنده]، وما أعظم الفرق بين من يقول: أرحنا بها، ومن يقول: أرحنا منها.

إنها صلاة الحب، لا مجرد صلاة الأمر، إنه كان يجد فيها نفسه، يجد فيها غذاء قلبه، وانشراح صدره، وحياة روحه، وقرة عينه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "... وجعلت قرة عيني في الصلاة" [رواه النسائي، وأحمد في المسند، وإسناده حسن].

كان يصلي الصلوات الخمس في ميقاتها، في جماعتها، بخشوعها، وركوعها، وسجودها، وإسباغ وضوئها، وما كان يكتفي بها، بل كان له صلوات.

كان يصلي من الليل، ما كانت متاعبه لتشغله عن وقوفه بين يدي ربه، إذا جن الليل، وأرخى ستوره، وغارت النجوم، وهدأت العيون، وأوى كل ذي فراش إلى فراشه، كان يقوم من الليل، ويصف قدميه مصليا لله عز وجل، ويناجيه فيقول: "اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وما أسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت" [متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما].

هذا هو النبي العظيم، ما شغلته متاعب الحياة، ومتاعب الدعوة، وما شغلته حياته الخاصة، تسع نسوة لهن مطالب، ولهن حاجات، ولهن تطلعات، ومسلمون لهم حاجات، ولهم مطالب، وعليه توجيههم وهدايتهم، وجبهات تقف له بالمرصاد، تريد أن تقتلع جذوره، وأن تهدم دعوته من أساسها: الجبهة الوثنية، والجبهة اليهودية، والجبهة النصرانية البيزنطية، والجبهة المجوسية المتربصة، والطابور الخامس من المنافقين الذين يعلنون الإسلام ويبطنون الكفر (يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) [البقرة: 9].

متاعب الحياة، ومتاعب الدعوة وهمومها، ما كانت لتشغله أن يقف بالليل مع ربه.

يقف ويطيل الوقوف حتى تتورم قدماه، حتى تتفطر وتتشقق من طول القيام، حكى عنه حذيفة رضي الله عنه قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبا من قيامه" [رواه مسلم، (رياض الصالحين للنووي: باب فضل قيام الليل)].

إنها صلاة يشعر فيها بحلاوة العبادة، يجد حلاوتها في قلبه، فلا يمل ولا يضجر ولا يسأم، وأصحابه الذين كانوا أصغر منه سنا، وأقوى منه شبابا، ما كانوا يصبرون على هذه الصلاة الطويلة، حتى قال ابن مسعود، وهو من الصحابة: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء، قيل: ما هممت؟، قال: هممت أن أجلس وأدعه" [متفق عليه]، لم يصبر على طول القيام.

"كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه –من طول القيام– فقالت له زوجته عائشة مشفقة عليه: لِمَ تصنع هذا وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟، قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟" [متفق عليه].

أي أن هذه المغفرة تجعلني أزداد في الإقبال على الله؛ شكرا لنعمته، ووفاء بحقه، وقياما بحبه، هكذا كان صلى الله عليه وسلم.

كان متعبدا لله عز وجل عبادة الخشية، وعبادة المحبة، كان يصلي ويطيل السجود، ويطيل الركوع، ويطيل القيام، وله في سجوده وركوعه وما بين التكبيرات أدعية وأذكار تملأ القلب بالخشية والخشوع، وتهز كيان النفس هزا، ما أحوجنا أن نقرأها ونحفظها وندعو له!.

كان إذا ركع يقول: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" [رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها، وأبو داود، والنسائي]، ويقول: "اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي" [رواه مسلم عن علي رضي الله عنه].

وإذا قام من ركوعه يقول: "اللهم ربنا لك الحمد، ملء السموات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". [رواه مسلم علي رضي الله عنه، وأبو داود، والترمذي، والنسائي].

وفيما بين السجدتين يقول: "رب اغفر لي وارحمني، واجبرني وارفعني، وارزقني واهدني" [رواه البيهقي في سننه عن ابن عباس في حديث مبيته عند خالته ميمونة رضي الله عنها، ورواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم].

هكذا كانت صلاته صلى الله عليه وسلم، صلاة الخشية.. صلاة الحب.

أما صيامه، فكان يصوم رمضان، هذا الشهر الكريم الذي كان يعتبره موسما لطاعة الله والإقبال عليه، فإذا جاء رمضان كان مع جبريل يدارسه القرآن، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.

"وكان إذا دخل العشر -الأواخر- شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" [رواه الستة إلا الترمذي عن عائشة]، واعتكف في المسجد، اعتزل عزلة مؤقتة عن شواغل الحياة لعبادة الله عز وجل.

كان قبل رمضان يقوم بعض الليل وينام بعضه، ولكن في هذه العشر الأواخر يحيي الليل كله لعبادة الله، ويوقظ أهله.. نساءه، ليشاركنه هذا المغنم.. هذا الخير، ما كان يحب أن يكون وحده في طاعة الله، روت عنه أم سلمة: أنه استيقظ ليلة، فقال: "سبحان الله!، ما أنزل الليلة من الفتن؟، ماذا أنزل من الخزائن؟، من يوقظ صواحب الحجرات؟ -يعني نساءه- يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة". [رواه البخاري عن أم سلمة في كتاب التهجد من صحيحه].

هكذا كان صلى الله عليه وسلم يصوم ويقوم، ولم يكن يكتفي بصيام رمضان، كما لم يكن يكتفي بالصلوات الخمس.

كان يصوم الأيام البيض من كل شهر: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر [من حديث جرير رضي الله عنه، رواه النسائي بإسناد جيد، والبيهقي]، وكان يصوم الإثنين والخميس، ولما سُئل في ذلك قال: "تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم" [رواه الترمذي من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن غريب، وروى النسائي نحوه في حديث عن أسامة بن زيد].

كان يصوم حتى يقال لا يفطر، ويفطر حتى يقال لا يصوم، وكان أحيانا يصوم ويواصل الصيام، وينهى أصحابه عن الوصال رفقا بهم، فيقولون له: إنك تواصل يا رسول الله، فيقول: "وأيكم مثلي؟، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني" [متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

لا تظنوا أنه يطعمه اللحم والأرز، أو الفاكهة، أو يسقيه الماء، لا، إنه غذاء آخر، وشراب من نوع آخر.

إنه غذاء القلب، وشراب الروح، إنه مشغول بمعرفة ربه وحبه وخشيته، لذلك شغله هذا عن الشراب والطعام والدنيا، كما قال القائل:

لها أحاديث من ذكراك تشغلهـا عن الشراب وتلهيها عن الزاد

لها بوجهك نور يستضــاء له ومن حديثك في أعقابها حادي

إذا شكت من كلال السير أوعدها روح القدوم فتحيا عند ميعاد

من في الناس يصل إلى هذه المرحلة؟!.

إن في الحديث عن عبادته صلى الله عليه وسلم، عن هذا الجانب الرباني من سيرته يطول، ولعل لنا عودة إليه لنجلي هذا الجانب –جانب الذكر والشكر وحسن العبادة– في حياة النبي العظيم صلى الله عليه وسلم، فإنه من أنصع الأدلة على أنه رسول الله.

إن الدجالين لا يمكن أن يحملوا بين جنوبهم مثل هذا القلب الشاكر، ولا يمكن أن يكون لهم مثل هذا اللسان الذاكر، ولا يمكن أن يكون لهم مثل هذا البدن الصابر على طاعة الله وعبادته.

إن هذا القلب قلب النبي المحب لربه، الخائف من عذابه، الراجي لرحمته، المقبل عليه بكل همته، إنه دليل من أسطع الأدلة على أنه رسول الله، على أنه يتكلم عن الله، لا يتكلم عن هواه، ولا يصدر من عند نفسه (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: 1-4].

صلى الله عليك وسلم يا رسول الله، وجعلنا الله من المهتدين بهديك، المقتدين بسنتك: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21].

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم.

Neutral
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://affaf.ahlamontada.com
katia
عضو مجتهد
عضو مجتهد
katia


عدد الرسائل : 90
العمر : 30
المزاج : مبسوووووووطة
الهواية : ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Readin10
مزاجي : ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم 110
نقاط التقييم :
ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Left_bar_bleue0 / 1000 / 100ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 26/04/2008

ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم   ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Icon_minitimeالخميس مايو 01, 2008 1:45 pm

شكرا لك الموضوع بكل صراحة في المستوى

Neutral
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://katia.mam9.com/
ليلى
مشرف
مشرف



عدد الرسائل : 346
العمر : 29
نقاط التقييم :
ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Left_bar_bleue0 / 1000 / 100ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 18/04/2008

ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم   ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Icon_minitimeالخميس مايو 08, 2008 4:10 pm

شــــكــــــــــــــ جزاك الله كل خير ــــــــــــــــــــرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شفاء
عضو نشيط
عضو نشيط
شفاء


عدد الرسائل : 67
العمر : 29
المزاج : tré tré tré calm
نقاط التقييم :
ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Left_bar_bleue0 / 1000 / 100ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 28/04/2008

ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم   ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Icon_minitimeالخميس مايو 08, 2008 7:02 pm

صلى الله عليه و سلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد العزيز - محمد




عدد الرسائل : 8
العمر : 34
الموقع : http://abdelaziz-mohamed.ahlamountada.com/index.htm
المزاج : السباحة والسياحة والنات والدردشة والمطالعة
نقاط التقييم :
ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Left_bar_bleue0 / 1000 / 100ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 17/07/2008

ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم   ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم Icon_minitimeالسبت يوليو 26, 2008 7:40 pm

ما اروع هدا اليوم !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! لانه يدكرنا بقرة اعيننا محمد صلى الله عليه وسلم ان شاء الله يجعل علينا هدا اليوم يوم خير وبركة في كل عام انت مشكورة عفاف على هدا الموضوع العفيف الطاهر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://abdelaziz-mohamed.ahlamountada.com/index.htm
 
ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصيدة ابكت الرسول صلى الله عليه وسلم
» هل تعلم لماذا لم يؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم؟
» بنات الرسول صلي الله علية وسلم
» لآول مرة برنامج من سيربح المليون الاسلامى .. رجال حول الرسول
» عائض القرني : وصلني سب لا تصبر عليه الكلاب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الامل  :: منتدى اسلامي, :: خطب ومحاضرات-
انتقل الى: