يوم لهند في غرف الدردشة
بقلم: مريم عبدالله النعيمي
كاتبة وباحثة إماراتية
هند كاتبة إماراتية مهتمة بتطوير الفكر والوعي في مجتمعها وأمتها من المحيط إلى الخليج وتشغلها للحق أمور كثيرة تكاد لا تفارقها حتى في المنام
فهند على سبيل المثال مشغولة بالكتابة حول بعض الظواهر الاجتماعية السلبية كما أنها مهتمة لدرجة كبيرة بالبحث حول سبل تطوير الفكر العربي من الطفولة وحتى اللحد
ولشغف هند بتنمية مجتمعها لم تتردد في قبول دعوة مدير أحد المحطات التلفازية لتقديم برنامج حول المطالعة ، وقد كان للبرنامج المذكور نجاح طيب وأثمر عن حركة واعدة لمبيعات الكتب في الإمارات .
عقل هند المشغول بتطوير المجتمع فرض عليها أن تفتش عن حلول جديدة لوقف الهدر في الوقت والنزيف في المشاعر الذي يلقى دون إحساس بالخطر من قبل فئة من الرجال والنساء الذين بات لا هم لهم إلا العبث الرخيص على وتر اللهو الحرام في غرف الدردشة
الغريب أن هند كانت قد اعتادت أن تكتب مقالاتها لفئة من القراء الجادين الذي يهمهم أن يشغلوا وقت فراغهم بثمين الأفكار وجميل الآراء التي يمكن العثور عليها في كتاب أو على صفحات الويب
لكنها هذه المرة أرادت أن تفكر خارج الصندوق ،وأن تنتفض على ذاتها فلماذا تحاور الأشخاص الجيدين فقط عبر الكلمة التي صارت رسولا بينها وبين جمهورها المحترم ؟!!
لماذا لا تطرق أرضا جديدة .دنيا أخرى لا علاقة لسكانها بثرثرتها حول بناء الوعي وصناعة فكر مقاوم لما هو دخيل من الأفكار والآراء ؟!!
وجدت هندا أنها تخاطب بكتاباتها فئة محدودة من القراء الجادين ، ورأت أن الوصول برسالتها في التوعية لشريحة أكبر مطلب هام ولا يمكن التنازل عنه إلى الأبد . فالكلمة الطيبة صدقة ، والنصيحة الصادقة هي حق للمسلم على أخيه بغض النظر عن سؤاله عنها ، أو غيابه الكلي عن البحث لمن يقدمها له بالمجان !!
كانت هند قد عرفت أن غرف الدردشة على مواقع الانترنت مليئة بالكثير المخجل المخيب للآمال من الحوارات الساقطة والمشاعر المبتذلة فكان ذلك شيء يثير لديها الاهتمام والرغبة الصادقة في أن تفعل شيئا لتنبيه أولئك الغافلين !!
كثيرا ما سمعت عن رجال ونساء يدخلون بأسماء وهمية ويقيمون علاقات وهمية عبر تلك الشاشة الساكنة فوق مكاتب الله وحده أعلم بما يدور فوقها!!
سمعت كثيرا عن اللهو الرخيص الذي يقدم بالمجان ودون شعور بالحياء والخجل من قبل رجال ونساء مسلمين بالاسم ، ولكنهم غارقون في وحل الفكرة الخاطئة والرغبة الآثمة !!
لم يرق لهند ذلك الصمت المدوي من قبل المصلحين والداعين إلى الله ورأت أن الواجب يدفعها للدخول في مغامرة حاسوبية مع ذلك الطيش القادم من وراء الانترنت المتخفي بأسماء وهمية والذي ينضح بالكذب والتفاصيل البشعة لمشاعر كان يجب أن تضبط بميزان حساس ودقيق!!
وانطلقت ذات مساء إلى حاسوبها الذي لم يخذلها يوما عن تقديم فكرة آمنت بها ووجدت أن فيها الخير والصلاح
قالت لنفسها لأجرب الخوض في نقاش مع رجالنا ونسائنا المشوشين بالأفكار الساذجة .
لأرحل معهم في رحلة خاطفة أطرح من خلالها سؤالا حول اهتماماتي وهند – كما تعلم- تهتم بمستقبل الكتاب في عالمنا العربي .
قالت لنفسها سأصيدهم بدل أن يصيدوني ، سأجعل منهم عينتي التي أريد وشريحتي الهامة التي تعكس لي نوعية الثقافة التي يملكها رواد غرف الدردشة الميامين!!
نعم لا تعرف هندا الكذب ولم تجرب التدليس ولا ترى أنها بحاجة لتفكر طويلا في نوعية الحوار الذي ستديره مع هذه الفئة المحرومة من مصادر الوعي .. إنها تريد شيئا واحدا هي متأكدة منه إلى درجة اليقين تريد أن تقول لهؤلاء الغافلين بإمكاننا نحن العرب أن نحول غرف الدردشة لفضاء مفتوح نناقش من خلاله قضايانا ومشاكلنا !!
بإمكاننا أن نشق طريقنا نحو البناء عبر استثمار هذه الوسائط الجديدة والنافعة فنبني عالما أفضل عبر تجويد اختياراتنا وتحسين سلوكنا الاتصالي مع هذه الأداة السحرية وغيرها!!
ما زالت هند الطموحة لعمل الخير ترى أن الكلمة النافعة صدقة وأن هؤلاء المساكين اللذين رموا بأنفسهم إلى غرف الدردشة بحثا عن التسلية المحرمة هم فئة محرومة من الأمان النفسي ومن تبني أهداف عليا ينقطعون لها طيلة العمر
هي تراهم مرضى بحاجة لعلاج وتراهم شريحة هامة من شرائح المجتمع لا ينبغي تجاهلهم لأن المرضى إذا أهملوا استفحل داؤهم وتعاظم بلاؤهم وقد يتحول إلى وباء ليس له علاج !!
ما أكثر الأيام التي فكرت فيها هند بألم دفين عن سر الغفلة والتعامي عن الأوبئة التي منشؤها الانترنت !!
ما أكثر ما تعذبت وأصابها الإعياء وهي تبحث عن جواب شاف للعزوف عن اقتحام هذه الغرف اقتحاما سلميا ذكيا من قبل أهل الخبرة والوعي والصلاح ..!!
ما أكثر ما عقدت مقارنات بين الكم الهائل من الجهد في كتابات مكررة حول موضوعات الساعة مع قصور هائل في مواجهة سيل الانحراف الأخلاقي الذي علت أمواجه الغاضبة فخربت وأغرقت وتركت جثثا وأشلاء بالية !!
دخلت هند ذلك المساء لإحدى الغرف وألقت التحية . وما هي إلا لحظات حتى فتحت لها نوافذ من قبل المدردشين العرب فهذا وائل ، وذاك محمود، وثالث علاء ، ورابع أيمن ، وخامس سعيد والكل يلقي التحية
ألقت نظرة خاطفة على نوافذ الغرف المفتوحة لتختار سريعا إحدى النوافذ وتجري حوارا قررت أن لا يزيد عن العشر دقائق .
كانت النوافذ المفتوحة تنادي .
نافذة علاء:هند اسم جميل لا شك أن حاملته جميلة ...
نافذة سعيد:أهلا.. أهلا ..
نافذة محمود : أهلا هند
بطبيعة الحال لا تستطيع هند أن تحاورهم مرة واحدة لأنها تريد التركيز في الحوار مع كل شخص فدخلت مع محمود في حوار وكتبت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
محمود: وعليكم السلام
هند: أريد من وقتك دقائق بسيطة
محمود: خذي كل الوقت الذي تريدين
هند: أنا اسمي هند ، وأعمل باحثة في قضايا التعليم ، وأريد أن أسألك عن آخر كتاب قرأته كما أود أن أتعرف قليلا على نوعية الكتب التي تفضلها ؟
محمود : أنت دخلت الغرفة الخطأ ...إذا كنت لا تمزحين ...أنت دخلت الغرفة الخطأ .!!
هند واثقة : على العكس تماما فأنا في مكاني الصحيح وأنتظر منك الإجابة ثم سأتحول إلى غيرك بمجرد أن تعطيني الإجالة على سؤالي : ما هو آخر كتاب قرأته وما هي اختياراتك من الكتب ؟!!
محمود : ما هذا يا هند ؟!! إما أنك مازحة ، وإما أنك في المكان الخطأ اذهبي لغرف أخرى جادة فهنا الناس تبحث عن شيء واحد فقط ..شيئ واحد..
هند : وما هو ؟
محمود : الحب ...الناس تبحث عن الحب ..!!
هند : في عالم الخيال والكذب والدجل !!!
محمود : لا .. لا ...أنا والله داخل أتسلى، والله فقط للتسلية...
هند كتبت وأرسلت: التسلية المحرمة...ضاقت عليك الدنيا بما فيها حتى تدخل هذا المكان وتبحث عن الوهم والكذب ؟!!
محمود كتب وأرسل : والله أنا طيلة الأسبوع عاكف على عملي بإخلاص واليوم الخميس أردت أن أتسلى قليلا ..!!
هند :سبحان الله عذر تكذب به على نفسك ، أنتم رجال الأمة ونساءها كان الأولى منكم أن تستثمروا الانترنت في خدمة قضايانا وأهدافنا فتحولتم إلى أفراد تبحث عن اللهو الرخيص هل هذا يليق وهل له معنى يستقيم في عرف أو دين ؟!!
محمود : والله أخجلتني فما كنت أتوقع أن أسمع مثل هذا الكلام في هذه الغرفة لا اعرف ماذا أقول ولا كيف أرد!!
هند : تقول شيئا واحدا..
محمود : نعم ، أن أقلع عن هذه العادة المحرمة فالحوارات التي تجرى في غرف الدردشة لا تجوز!!
هند : إذن أنت تعترف بسقوط همة من يدخل مثل هذه الغرف لأغراض التسلية المحرمة ؟
محمود: نعم وقد كنت محتاجا لمن ينصحني أشكرك يا هند وأخذ يدعو لها بإخلاص ويوالي إرسال كلمات فيها دعاء بأن يكثر الله من أمثالها لكي يساهموا في إصلاح البيئة التي تحيط بمثل هذا النوع من العلاقات .
ألقت عليه التحية وذهبت لغرفة ثانية فقد كانت نافذة علاء مفتوحة
ألقت السلام وعرفت بنفسها فورا أنا أعمل كاتبة وباحثة في قضايا التعليم وأريد أن أعرف آخر اسم كتاب قرأته وما هي اتجاهاتك في القراءة ؟
علاء : نعم ..!!!!
أعادت هند كتابة العبارة مرة ثانية.
فرد عليها : !!!!!
هند : يا أخ علاء هل ستتعاون معي وترد على سؤالي ...أنت أحد أفراد عينة الاستطلاع الخاصة ببحثي حول واقع اتجاهات العرب نحو الكتاب واختياراتهم للمواد التي يقرؤونها . أنا أريد أن أعرف ماذا تقرأ ..اذكر اسم كتب قرأتها في السابق ؟
علاء : ولا شيء ...لا شيئ..!!
هند : تذكر كتابا قرأته يوما من الأيام!!
علاء :لا شيء لا شيء ما هذا السؤال الغريب في هذا المكان؟!!
هند : أنا أشكرك على الإجابة على أية حال
علاء : لكنك دخلت الغرفة الخطأ الناس ...هنا لا تناقش قضايا من هذا النوع ..!!
هند : ولذلك أنا دخلت لأقول لرواد غرف الدردشة توجد مسائل هامة يحتاجها الفرد المسلم من بينها بناء عقله وصناعة فكره وهي أمور تحتاج لنقاش وليت غرف الدردشة تزدهر بنقاشات حقيقية في كيفية إخراج الأمة من حالة الركود الذهني الذي تعاني منه منذ قرون..
علاء : الناس هنا لا تأبه بهذا الكلام ..إنهم مشغولون بأمور أخرى يرونها أهم بكثير من شعاراتك التي يجب أن ترفعيها في مكان آخر
هند : ولكني اليوم أريد أن اعرف ماذا يقرأ رواد هذه الغرف المشبوهة
علاء : عذرا فلست بقارئ .
تلقي عليه التحية وتغادر غرفة الدردشة لتلاحظ وجود ثلاث نوافذ تدعوها للحوار
اختارت غرفة فهد وقالت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهد : كم عمرك يا هند ؟ ما هي الألوان المفضلة لديك ؟ قولي يا هند ما هي صفاتك ؟
هند بثقة : أعمل باحثة في قضايا التعليم ولدي سؤال .
فهد : لم افهم ؟!!
أعادت هند العبارة
فهد : أيضا لا أفهم ..!!
هند : يا أخي أجب عن سؤالي فقد ألقيته عليك مرتين
فهد : الناس هنا تبحث عن الحب ، ما هذا الكلام الذي ليس له معنى اخرجي فورا وابحثي عن غرفة أخرى الناس هنا تبحث عن التسلية فقط التسلية...
هند عموما لقد وصلني الجواب السلام عليكم
بطبيعة الحال رجال العرب الأوباش الذين يكادون يطيرون النوم من عيون السفاح بنيامين نتنياهو ، وسيئة الذكر زميلته تسيبي ليفني ... مشغولون بأمر أعظم من مناقشة كيفية دعم القضية الفلسطينية التي نسيها العرب رغم ادعائهم أنهم بها مشغولون في الليل النهار !!
عقول رواد تلك الغرف المغلقة لم يعد لها مكان غير اللعب على أوتار الرغبة المحرمة والفكرة الآثمة والخيال المريض !!
لم يعد يهمهم إن كان شباب إسرائيل يتسلحون بأعلى مستوى ممكن من التعليم ويستثمرون كل وسيله ممكنة لدعم دولتهم الغاصبة والذي يهمهم هو الجري وراء الحسان ، حتى ولو كانت الحسان نساء قبيحات يتسترن بأسماء كاذبة للخوض في مغامرة مجنونة عبر وسيلة افتراضية تتيح للمرضى والمنحرفين أكبر قدر ممكن من الكذب المجاني الرخيص
تزداد هند غضبا وامتعاضا كل لحظة وحين لكنها تكتم غيظها وتشعر بمعية الله لها ولا بد من إتمام المهمة ومناقشة من لا يولي الأدبار منها هاربا وهي تطرح أسئلة ثقافية على عقول تريد أن تبقى في القاع.
النافذة التالية كانت لجاسم وعرف نفسه سريعا قائلا: أنا ابن الخليج
أعادت هند كتابة العبارة السابقة التي تفتتح بها حواراتها مع رجال الأمة الأفذاذ
رد عليها جاسم : عن ماذا تسألين؟
قالت : عن آخر كتاب قرأته ؟
فأجاب بكلمات ماجنة لكني أبحث عن شيء واحد..ابحث عن......( ...) كتب كلمة يندى لها جبين الحياء !!
فردت عليه هند : هذا حظ الشيطان فأين حظ الرحمن من اهتماماتك ؟
أتاها الجواب سريعا جاسم يغادر غرفة الدردشة .
إن جاسم شخص عملي جدا لا وقت له يضيعه مع أشخاص لا يشاركونه مطلبه الرخيص !!
غادر فورا وفي ثوان بعد أن ألقت هند قنبلتها لتتناسب مع قبح فكره ودناءة لفظه !!
قالت له : هذا حظ الشيطان فأين حظ الرحمن ؟
الرجل الجاد في بحثه عن المرض رفض بشدة أن يستجيب لمتطفلة اعترضت رحلته بين غرف الدردشة في البحث عن مريضة تشاركه تطلعاته الواهنة
غرفة رائد ما زالت مفتوحة وهو يسأل : أين أنت يا هند هل يمكن محادثتك ؟
ألقت هند السلام وكررت جملتها المعهودة وسؤالها الافتتاحي
رائد : ماذا أنت باحثة تسألين عن الكتب ..هل أنت تمزحين ؟!!
هند : لا يا أخي وأنا أنتظر الجواب .
رائد : اخرجي فورا من هذا المكان فهنا الناس تبحث عن الحب !!
هند : سبحان الله بينما نعاني من هزائم ليس لها مثيل ، والعقل العربي آخر المشاركين في تنمية الفكر وتطوير الإنتاج وبينما ما زالت الأمة في خطر كبير تريد شريحة منا أن ترقص على جراحنا و تزيدها عمقا بالسباق لاجتراح الآثام والعبث الرخيص !!
رائد : يبدو أنك فعلا جادة !!
هند ولماذا أعبث ..لماذا تعتقد أن غرف الدردشة للهو الرخيص ؟ لماذا لا تفكر أنت ومن تحاورهم باستثمار هذه الوسيلة على خير صورة وعلى أفضل وجه؟
ألا تروا ما نحن فيه ألا يكفيكم صور الراقصات على الفضائيات حتى تشبعوا الخيال المريض بمزيد من الوسائل الهابطة ؟ هل أصبحت التسلية المحرمة هوسا يبيع لأجلها المسلم نفسه وخلقه دون حساب لرضى الرب أو غضبه ؟!!
هل هؤلاء هم العرب الذين قال شاعرهم:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مثواها
أين هي المروءة والشهامة لدى رجالنا وشبابنا كيف ترضون أن تعاكسوا النساء وعبر هذه الوسيلة الرخيصة ودون أي شعور بالخجل ؟!!أين منكم نخوة العرب؟
وانطلقت هند كمن امتشق سيفا ضد الأعداء فهو يطيح بالرؤوس دون رحمة ويكسر الرقاب دون وجل .
صمت رائد وقال : سبحان الله يبدو فعلا انك صادقة فيما تقولين
والله لم نعتد ونحن ندمن الدخول لغرف الدردشة على من يوقظ فينا هذه المشاعر نحن يا هند مخدرون وكل منا يشجع الآخر على السير في هذا الدهليز المظلوم.
هند : ومتى تستفيقون ؟
رائد : والله لا أعلم لكني أشكرك على أية حال .
هنا استأذنت هند في الانصراف وما زال لديها بعض القوة والصبر للدخول في حوار أخير لاحظت أن نافذة خلدون ما زالت مفتوحة فقال:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خلدون : أنا خلدون من الأردن
هند : وأنا هند اعمل باحثة في قضايا التعليم وأسألك عن آخر كتاب قرأته؟
خلدون : ماذا؟
أعادت هند السؤال
خلدون : لم افهم
أعادت هند السؤال من جديد
خلدون تبحثين عمن يقرأ في هذا المكان أنت دخلت الغرفة الخطأ
هند : بل أنا في مكاني الطبيعي جدا وأنتظر إجابة
خلدون : حسنا ثلاثية نجيب محفوظ ، ولكن كم عمرك يا هند ؟
تتجاهل هند السؤال وتكرر : هل لديك عناوين كتب أخرى ؟!!
خلدون: نعم صيد الخاطر ..كم عمرك يا هند ؟!!
هند تتجاهل السؤال هل لديك عناوين كتب أم انتهيت؟
خلدون : رجال الله .. الحرافيش ...كتب عن الإسلام ...كم عمرك يا هند ..هل أنت متزوجة أم عزباء ؟!!
تتجاهل هند السؤال وتكرر : يبدو أنك تقرأ كثيرا لقد دونت إجاباتك هل لديك عناوين لكتب قرأتها ؟
خلدون: ما زال هناك كتب أخرى..
وأخذ خلدون يكتب عناوين متنوعة ثم يسأل كم عمرك يا هند هل أنت متزوجة أم عزباء؟!! أنا ابحث عن صديقة !!
تصر هند على معرفة ما في جعبة الرجل من كتب متجاهلة كل سؤال شخصي !!
خلدون : هل أنت معي يا هند ؟
هند : أنا أدون عناوين الكتب التي قرأتها لكني أتعجب من جرأتك التي تصل لحد الوقاحة فرغم أنك عرضت أسماء كتب كثيرة إلا أنك في كل مرة تسأل عن العمر وعن الحالة الاجتماعية ألا تخجل من نفسك ؟!!
ألا ترى أني تجاهلت إجاباتك لأني كما أخبرتك أعمل باحثة وأنت أحد أفراد العينة لا أكثر ..أين هي المروءة في تجاوزك للخطوط الحمراء ؟
لم لا تقف عند حدود الأدب وأنت تراني أسألك أسئلة جادة ثم ماذا تعتقد فيمن يبحث عن اللهو اللعب هل لو كنت عابثة سأخبرك عن عمري الحقيقي ألا ترى المكان حولك مزكوما برائحة الكذب الذي صار له اسم غير اسمه
أفتراني لو دخلت لاعبة أخبرك عن عمري الحقيقي أو تظن يا أخ خلدون أن هناد كلمة واحدة بها صدق في هذه الغرف العفنة؟
ألا تعلم أن المشاعر هنا هي أرخص من المياه المسكوبة على قارعة طريق قذر ؟!!
ثم ما أدراك لو كنت لاعبة وأتوارى خلف اسم باحثة أن أكون إمرة ما أدراك بأني لست رجلا يتنكر باسم امرأة ؟
أي شيء يكون هذا الوهم الذي يعشش بخيالك وخيال الداخلين إلى هذا المكان ؟ اسمع يا أخ خلدون -رغم يقيني أن هذا ليس اسمك الحقيقي - إن عليك أن تخجل من نفسك فالحوار الجاد لا يديره إلا أشخاص جادون ومن العار أن لا ترى الأمور على حقيقتها!!
خلدون أنا آسف تفضل تفضل ( يبدو أن الأخ خلدون ظن أن هند رجلا)
هند وقد استبد بها الغضب : أرجو أن تكون قد استفدت من جولتك اليوم في غرف الدردشة وأرجو لك رحلة موفقة في هذا المكان المشبوه !!
تقرر هند الانصراف لأنها قد شعرت أن خلدون قد استنفد آخر ما لديها من صبر .
أطفأت جهاز الحاسوب ثم حمدت الله على كل كلمة نظيفة وعبارة صالحة وتوجيه مناسب قدمته لهؤلاء المرضى ..وسرعان ما استعادت هدوءها وسكينتها وزادت طمأنينتها بفكرتها الداعية لوعظ هؤلاء الغافلين ونصحهم
إنها الآن اقرب للشعور بالراحة فقد أنهت تجربة كانت تراودها كفكرة منذ زمن طويل
فكم مرة قالت لنفسها لا بد من خوض بعض الزيارات الحاسوبية أتفقد من خلالها غرف مرضى الدردشة والدخول الطبيعي والجيد سؤال جاد لعقول لاهية
إن هندا تعرف كيف تستثمر الزمن لتحقيق جزءا من أهدافها في التوعية والإصلاح كما أنها تدرك أن الوعظ من أول عبارة لن يجعل احد يتقبلها لكن سؤالا ثقافيا جيدا قد يكون مفتاحا مناسبا لإجراء حوار سريع عساه يكون سببا لإيقاظ أحد هؤلاء المرضى وإرجاعهم إلى جادة الطريق وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" رواه البخاري
منقول
من صحيفة هادف الإلكترونية
[url=http://www.e3lamhadef.com]www.e3lamhadef.com[/url]